tahalil-logo-ar1

الازدحام المروري في نواكشوط.. مشكلة تؤرق الجميع وتتطلب إجراءات صارمة ورادعة لمواجهتها

تشكل الزحمة المرورية بمدينة نواكشوط مشكلة حقيقية وهاجسا يؤرق السائقين والمارة، وحتى السلطات الأمنية التي تسهر على انسيابية حركة السير بالشكل اللائق، مما جعل البعض يصف حلها بالمستحيل إن لم تتغير عقليات المجتمع ويخضع السائقون للقوانين المنظمة لحركة السير دون تمييز، إضافة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ورادعة للحد من التسيب الذي عشعش في مخيلة المواطن.

السالك لشوارع نواكشوط وملتقيات طرقها يدرك مدى اللامبالاة التي هي العنوان الأبرز لأي سائق أيا كان، ففي الغالب لا احترام لإشارات المرور ولا تطبيق لإجراءات السلامة كوضع حزام الأمان، والاتصال أثناء القيادة، والتوقف وسط الشارع، والعناد على الأسبقية رغم عدم الأحقية به، كلها مسلكيات شاذة أوصلت الحال لما هو عليه من فوضوية لا حدّ لها والمتضرر الأول منها من ساهم فيما هي عليه.

ومن جهة أخرى، فإن قطاع النقل يعتبر محورا أساسيا لا يمكن التغافل عنه في المنظومة الاقتصادية لكل بلد، إذ أن نمو هذا القطاع وازدهاره ينعكس على جميع القطاعات الأخرى، كما تنعكس نتائج تقدمه على نمو الناتج المحلي الإجمالي وزيادة العوائد المالية للدولة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، كما يوفر فرص عمل لشريحة كبيرة من السكان سواء كان ذلك في مجال النقل ذاته أو في مجالات أخرى ترتبط به أو تتأثر بتطوره.

وانطلاقا من أن زحمة المرور تعتبر من أكبر تحديات النقل الحضري في العاصمة نواكشوط وتعكس شللا في استخدام الوقت وفوضوية في التلاعب بالقانون، فإنه بات من الضروري تصحيح الخلل، وإعطاء المدينة حقها مقارنة بباقي مدن وعواصم العالم، إذ لن يتحقق ذلك إلا بتطبيق القانون من لدن الجهات المعنية بالسهر على تطبيقه.

وللوقوف أكثر على أسباب الاختناقات المرورية ومعرفة الحلول الناجعة للتغلب على هذه المشكلة، أوضح رئيس منظمة “معا ضد حوادث السير”، السيد محمد الأمين ولد الفاظل، في تصريح للوكالة الموريتانية للأنباء، أن حركة السير بموريتانيا تتسم بفوضوية عامة، مبينا أن الطريقة التي يمارسها السائقون بالشوارع لا تمت إلى الانضباط بصلة، إضافة إلى عدم احترام إشارات المرور وحزام الأمان، لافتا إلى أن معظم السائقين يضعونه فقط بالقرب من نقطة التفتيش الأمنية وهو ما يتناقض تماما مع إجراءات السلامة الطرقية.

وأكد على ضرورة اختفاء ظاهرة احتلال الشوارع من طرف الباعة الذين يعرضون حياتهم للخطر، وهو أحد المسلكيات الشاذة التي تزيد من الاختناقات المرورية وتعرض أصحابها للخطر.

وأضاف أن الموريتاني المعروف بكرمه يصعب عليه بل يستحيل في الغالب أن يسمح بإعطاء الطريق لمن قبله، مبينا أن الغالبية العظمى من السائقين هي من تصنع الزحمة المرورية الخانقة بالتصرفات غير القانونية، والمسلكيات الخاطئة، وبالتالي يضيع وقت الجميع وهو ما ينعكس سلبا على مجالات أخرى، فالطرق يسلكها الجميع، الطبيب والمعلم والتاجر.. الخ، حتى أن سيارات الإسعاف تجد صعوبة في شق طريقها صوب الوجهة المحددة نتيجة تلك التصرفات الخاطئة، موضحا أنه لو التزم الجميع بالقانون لظلت الطريق سالكة بكل الأوقات.

وأكد على ضرورة تطبيق القانون في هذا المجال لتفادي تلك الاختلالات، داعيا السلطات الأمنية إلى عدم التساهل مع مخالفي القانون في هذا المجال أيا كانوا، موضحا أن الشعب الموريتاني شعب سهل القيادة فإن أحس بعدم مساومة في تطبيق القانون انساق طواعية لذلك.

وأوضح أن الحل لن يكون إلا بفرض السلطات الأمنية لقانون السير، وتكثيف التوعية والتحسيس بخطر المسلكيات الخاطئة، مؤكدا أنهم بمنظمة “معا ضد حوادث السير” يولون اهتماما خاصا للتوعية والتحسيس بخطر المسلكيات الضارة وغير القانونية، مبينا أن تغيير تلك المسلكيات من مصلحة السائق أولا، داعيا وسائل الإعلام إلى التركيز على الموضوع لتغيير عقليات المجتمع في هذا المجال.

بدوره أكد السائق السيد جمال ولد بر، أن هذه الظاهرة تشكل مشكلة حقيقية ترهق المواطن بشكل يومي، داعياً إلى إيجاد حلول جذرية لهذه الظاهرة التي ترتفع وتيرتها بشكل لافت، موضحا أن الأسباب الرئيسية للاختناقات المروية داخل العاصمة نواكشوط سببها الرئيسي هو عدم التزام السائقين بقانون السير وعدم تقيدهم بنظام طابور السيارات وخاصة عند ملتقيات الطرق الرئيسية التي تشهد ازدحاما.

وأشار إلى أن الزيادة المطردة في عدد السيارات لا يقابلها توسع وزيادة في عدد الشوارع مما ساهم في تعقيد المشكلة.

أما السيدة فاطمة بنت محمد، فبينت أن الأسواق المركزية والمستشفيات العمومية والخصوصية والمدارس وغيرها من المؤسسات التي تعد وجهة يومية للسكان تؤدي إلى زحمة خانقة للمرور، موضحة أن الحل يكمن في إحساس الجميع بروح المسؤولية والمواطنة، داعية إلى فرض رقابة صارمة على المخالفين للقانون في هذا المجال ليكونوا عبرة لغيرهم.

من جانبه أشار المواطن محمد المصطفى السالك إلى أن السائقين يتحملون كامل المسؤولية في الازدحام المروري نظرا لعدم مراعاتهم لقانون السير، معربا عن تفاؤله في أن تجد الإشكالية حلا يقضي على الظاهرة من جذورها، وذلك ما يتطلب تكاتف جهود الجميع من سلطات ومواطنين وسائقين، كل حسب موقعه، لتغيير النظرة السائدة في هذه الظاهرة.

ونبه إلى أن من أسباب هذه المخالفات كذلك اتكال بعض السائقين على أوراق التأمين التي جعلت السائق لا يبالي، مقترحا وضع عقوبة رادعة مع التأمين من طرف السلطات المنظمة لتساعد في حل هذا المشكلة.

وفي نفس السياق قال السائق محمد الأمين ولد ببان، إن أسباب الاختناقات المرورية تكمن أساسا في ضيق الطرق، خصوصا في المناطق المكتظة بالسكان، وفوضوية المواطنين وعدم احترام القوانين المنظمة للسير وتهور السائقين.

وأضاف أن ملتقيات الطرق الرئيسية تشهد اختناقا مروريا شبه دائم، خاصة مع الساعات الأولى من النهار وخلال نهاية الدوام الرسمي للموظفين والتلاميذ خلال فترة الدراسة، كلها عوامل يمكن التغلب عليها لو التزم كل سائق بما عليه من مسؤولية في هذا المجال، مبينا أن تلك التقاطعات يزيد من زحمتها الباعة والمتجولون وأصحاب العربات المتنقلة لبيع الفواكه والجزارين وغيرهم.

تقرير: الديده القاضي / محمد يحظيه سيدي محمد